رياضة وترفيه

محمد اندح يرد على التونسي طارق ذياب استصغار موريتانيا

بين طارق اللاعب وطارق المحلل!

حديث المحلل التونسي الكبير طارق ذياب عن موريتانيا؛ باستصغارها على قيادة الكاف هو حديث ينتمي لعهد طارق اللاعب المراهق، لا إلى عهد طارق المحلل، بعدما بلغ من الكبر عتياً!

 

ربما يكون مفهوماً من طارق اللاعب أن يستصغر موريتانيا كروياً؛ لأنه لم يعرفها أيام ممارسته للعبة مع نادي الترجي والمنتخب التونسي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، فقد كان مستساغاً أن يستصغر شاب طائش لا يفقه كثيراً عن أساليب احترام الدول والشعوب، مكانة أي بلد لا يعرفه، فشأن الغر هو هكذا دائماً؛ أن لا يكبر في وجهه إلا ما يراه بعينيه، فالصغير لا يرى إلا بعينيه، وبالتالي فهو لا يدرك دلالات كل ما يعلق عليه، لأنه يتحدث عما تراه عيناه فقط!

 

لكن طارق الرجل الكبير، والمحلل الشهير والوزير السابق، كان عليه أن يكون أبصر من ذلك بكثير، فيرى الأمور بأكثر من عينيه، وأن يعلق عليها بما هو أكبر من عقل وبصيرة شاب غر يلعب مع الترجي!

 

عليه -بمعنى آخر- أن يميز بين ممارسة اللعبة من جهة، وبين إدارتها من جهة أخرى، وقد كانت لديه تجربة في لعبها، وفي إدارتها وإن لفترة قصيرة لم تتكلل بالنجاح للأسف، كما أن عليه أن يفرق بين تاريخ البلد رياضياً من جهة وبين مشوار أبنائه مهنياً من جهة أخرى!

 

لن أعلق على نبرة الاستهزاء في نطق السيد طارق ذياب لاسم موريتانيا، لأني أعتبرها زلة لسان من رجل مسن، وقد تعلمنا منذ الصغر في موريتانيا أن ليس من اللباقة أن نوبخ كبار السن أو نهتك وقارهم لمجرد وقوعهم في مثل هذه الزلات!

 

وأن طارق نفسه قد يدرك -حين يعيد التفكير- أن لا قيمة لمثل هذا الاستهزاء على المستوى القيمي؛ فماذا لو تقدم طارق ذات يوم لرئاسة الفيفا؛ ثم سئل رجل من ألمانيا مثلاً عن حظوظ رجل من تونس في رئاسة الفيفا؛ فرد على السائل؛ ما هي تونس هذه، مع احترامي لتونس؟!

 

لا معنى لذلك إذن؛ بل سوف أناقش مع طارق طرحه فقط حول علاقة التاريخ الرياضي لبلد ما بحاضر ونجاح إدارييه؛

 

هل يعلم طارق المحلل الكبير، وليس اللاعب، أن الفيفا، وهو أكبر هيئة كروية إدارية في العالم، تدار اليوم من رجل سوسيري؟! وهي بلد متواضع جداً في عالم كرة القدم مقارنة بدولها العظمى! فهل طرح الرياضيون في ألمانيا أو البرازيل سؤالاً من هذا النوع؟! ماهي سويسرا؟ مع احترامي لسويسرا؟!

 

وهل يعلم طارق أن الفيفا كان يدار قبل ذلك من سويسري آخر، وهو جوزيف بلاتير؟!

 

هل تجاهل طارق أن الكاف نفسه يدار منذ سنوات من طرف رجل من مدغشقر؟ فهل سبق لرجل من الكاميرون أو من مصر -وهما أكبر بلدين كروياً في القارة- أن تساءل ما هي مدغشقر؟ مع احترامي لمدغشقر؟!

 

أخيراً؛ لو كان مثل هذا السؤال مطروحاً لتقييم الرجال والإداريين، لما اختار الفيفا نفسه مرشح موريتانيا اليوم للكاف السيد أحمد ولد يحيى لعضوية لجنة الأخلاقيات في الفيفا عن أفريقيا كلها، ولم يختره من تونس ولا حتى من مصر أو الكاميرون، وذلك قبل سبع سنوات من الآن، ويومها كانت موريتانيا “أصغر” بكثير -بمعايير طارق- من حالها الآن، وهي تنظم بطولة قارية يحضر رئيس الفيفا جانباً منها، ويتحدث بإعجاب وثناء كبيرين عن مكانة مرشحها لرئاسة الكاف!، من غير أن يتساءل؛ -وهو رئيس الفيفا وليس محللاً لقناة تلفزيونية- ما هي موريتانيا، مع احترامي لموريتانيا؟!

 

الوكالة الرياضية

اظهر المزيد
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: