تسريبات أمريكية.. 6 دول عربية وسعت تعاونها العسكري سريًا مع “إسرائيل” خلال الحرب على غزة

كشفت صحيفة واشنطن بوست، استنادًا إلى “مصادر مطلعة” ووثائق أمريكية مسربة، أن ستة دول عربية هي الأردن والسعودية ومصر والبحرين والإمارات وقطر وسعت سرًا تعاونها العسكري والاستخباراتي مع الاحتلال “الإسرائيلي” خلال السنوات الثلاث الأخيرة، رغم الإدانة العلنية لحرب غزة.
وقالت الصحيفة، إن العديد من هذه الدول حافظت على تعاون عسكري واستخباراتي وثيق مع “إسرائيل”، على الرغم من الإدانة العلنيةالشديدة لها.
وبحسب الوثائق المسربة التي حصلت عليها الصحيفة والاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، شاركت الدول الست في إطار دفاعي إقليمي سري يُعرف باسم “البناء الأمني الإقليمي”، مع الإشارة إلى الكويت وسلطنة عمان كشركاء محتملين في المستقبل.
ووفق التقارير، لعبت السعودية دورًا فاعلًا، حيث زودت “إسرائيل” وجيرانها العرب بمعلومات استخباراتية حول سوريا واليمن ونشاط داعش.
واشتمل اجتماع رئيسي عُقد في جانفي بقاعدة فورت كامبل بولاية كنتاكي على تدريبات على تحديد الأنفاق الهجومية وتحيدها، وهو تكتيك شائع في حرب غزة.
وقدم مسؤولون سعوديون وأمريكيون إحاطة حول النشاط الروسي والتركي والكردي في سوريا، بالإضافة إلى تحديثات حول التهديدات الحوثية في اليمن وعمليات داعش في العراق وسوريا.
شبكة استخباراتية سرية تواجه النفوذ الإيراني
وذكرت الصحيفة أن الآلية التي أنشئت بالتنسيق مع القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) عملت كشبكة سرية لتبادل المعلومات والتدريبات المشتركة والتنسيق العملياتي لمواجهة النفوذ الإيراني وتعزيز العلاقات العسكرية مع “إسرائيل”.
وتم تصنيف جميع الاجتماعات على أنها “مدعومة وسرية”، مع أوامر صارمة تمنع التصوير أو التواصل مع وسائل الإعلام، وتمت مراعاة القيود الغذائية الدينية مثل تقديم الطعام الحلال ومنع لحم الخنزير والمحار.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، نظمت الشبكة سلسلة من القمم الأمنية الإقليمية والتدريبات من البحرين والأردن إلى قاعدة العديد الجوية في قطر وفورت كامبل في كنتاكي، بمشاركة ضباط كبار من “إسرائيل” والدول العربية والجيش الأمريكي.
وتضمنت إحدى الوثائق تدريبات مفصلة على كشف الأنفاق وتدميرها، وهي نفس التقنية التي تستخدمها حماس في غزة.
فيما شاركت وثائق أخرى تدريبًا مشتركًا في مصر شمل قوات من الولايات المتحدة و”إسرائيل” والسعودية والأردن ومصر واليونان والهند وبريطانيا وقطر.
وذكر التقرير أن الهدف المعلن للمبادرة هو إرساء تنسيق آني في مجالات الاستخبارات وربط الرادارات والاتصالات السيبرانية وأنظمة الدفاع الصاروخي.
وبحسب المصدر ذاته، منذ عام 2022، دمجت الدول المشاركة بيانات رادارها وأجهزة استشعارها مع الشبكة الأمريكية لمواجهة الصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية.
ولفتت الوثائق إلى أن دولتين عربيتين لم يتم تسميتهما تقاسمتا المعلومات الاستخباراتية مباشرة مع سرب من القوات الجوية الأمريكية، ويستخدم جميع المشاركين الآن منصة دردشة مشفرة للتواصل مع واشنطن والعواصم الحليفة.
وتصف إحاطات القيادة المركزية الأمريكية إيران ووكلائها الإقليميين بـ”محور الشر”، وتُظهر خرائط تهديدات صاروخية في غزة واليمن.
وتنظر واشنطن إلى هذا الهيكل كوسيلة لتعزيز رواية “الازدهار والتعاون الإقليميين” ودحض فكرة أن طهران تدافع عن الفلسطينيين.
كما وزعت المعلومات على أعضاء تحالف “العيون الخمس” الاستخباراتي، ما يعكس البعد العالمي للمبادرة.
يشار إلى أن تحالف “العيون الخمس” هو شبكة استخباراتية دولية تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، تتشارك هذه الدول المعلومات الاستخباراتية بشكل وثيق حول الأمن العالمي، بما في ذلك المراقبة الإلكترونية ومكافحة الإرهاب، وتعد من أقوى التحالفات الاستخباراتية في العالم.
وتشمل الخطط المستقبلية إنشاء “مركز سيبراني للشرق الأوسط” و”مركز دمج معلومات” إقليمي لتسهيل تبادل البيانات آنيًا وتدريب الخبراء “الإسرائيليين” والعرب على الدفاع الرقمي.
غارة “إسرائيلية” تهز استقرار الشبكة السرية
وبحسب الصحيفة واجهت العلاقات داخل الشبكة أزمة بعد غارة جوية “إسرائيلية” في الدوحة استهدفت مسؤولين كبارًا في حماس، ما أغضب قطر، الوسيط الرئيسي مع حماس والشريك الأساسي في الآلية السرية.
وذكرت التقارير أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغط على رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو للاعتذار والالتزام بعدم تكرار الهجوم.
وأفادت مصادر عسكرية أمريكية أن أنظمة الرادار الأمريكية لم ترصد الطائرات “الإسرائيلية” لأنها صُممت أساسًا لمراقبة إيران.
وأكدت الوثائق المسربة أن هذا التعاون “لا يُشكل تحالفًا جديدًا”، وأن الاجتماعات يجب أن تبقى سرية، بينما واصل القادة العرب إدانة “إسرائيل” علنًا في المحافل الدولية.
ونقل التقرير عن محللين قولهم إن الدول العربية لا تزال تعتمد على الولايات المتحدة في ضماناتها الأمنية، بينما تبدي حذرها من قوة “إسرائيل” المتزايدة.
وقال البروفيسور توماس جونو من جامعة أوتاوا: “تخشى دول الخليج من “إسرائيل” المنفلتة، لكنها تعتمد على الولايات المتحدة وتخشى من تنامي قوة إيران”.
وتكشف الوثائق أن غزة ليست هدفًا “لإسرائيل” وحدها، بل تتعرض لتنسيق سري بين تحالفات إقليمية ودولية، تشمل دولًا عربية وشبكات استخباراتية عالمية، ما يبرز حجم المؤامرات المعقدة التي تحاك ضدها، ويؤكد أن المعركة على الأرض والسياسة تتجاوز الجدار “الإسرائيلي” لتصل إلى أبعاد استراتيجية وإقليمية واسعة