مقالات

مساعد قبطان بالصدفة يروي حكايته على متن سفينة “قمر الموريتانية” المتجهة نحو غزة

حكاية مساعد قبطان بالصدفة 1.
بين الليل والبحر… كنت أرى غزة

مع ركوبنا السيارة المتجهة إلى مطار كاتانيا الليلة، شعرت بحزن عميق، وكأنني في هذه اللحظة فقط أدركت أن الرحلة قد انتهت. رحلة حاولت بكل ما أملك أن تستمر، أن لا تتوقف، رغم كل ما واجهناه.
حين تشاجر المساعد المقرر مع القبطان وقرر الانسحاب، كان ذلك كفيلاً بتعطيل انطلاقتنا، فالبحث عن مساعد جديد من إدارة الأسطول كان سيأخذ منا وقتاً لا نملكه وقد لانجده كنا متأخرين أصلاً عن باقي السفن. لم أتردد، قلت للقبطان: أنا سأكون مساعدك. نظر إليّ وقال: ستتحمل الكثير. أجبته: مستعد. فرد بابتسامة فيها بعض الحزم: لكنك ستتعلم.
تم تسجيلي رسميًا كمساعد قبطان لدى حرس الحدود، ثم لدى إدارة الأسطول.
غادرنا ميناء سيدي بوسعيد في المساء، حوالي السادسة. و مع حلول الظلام قال لي القبطان سأرتاح قليلاً، السفينة بين يديك وأنا أراقبك مرت ساعات الليل الأولى ، نام هو، ثم تبعه الجميع. بقيت وحدي، أتابع الرحلة وأراقب البحر والريح. وعند الفجر، أيقظتهم ونحن قد وصلنا إلى آخر نقطة من تونس، ميناء قلمبية. القبطان نفسه تفاجأ أننا بلغنا هذا الحد دون توقف.
منذ تلك الليلة، أصبحنا نقتسم القيادة: هو يتولى النهار، وأنا الليل. أساعده في كل صغيرة وكبيرة، حتى أننى في النهار والذي من المفترض أنه وقت راحتي حين أكون نائمًا، كان يوقظني: تعال أنزل الشراع معي ، افحص حرارة المحرك، حضّر لي طعاماً انظر الي كمية البنزين … كنت ألبي كل طلباته دون تردد. كان يعاملني كما يعامل السائق مساعده، وأظنكم تفهمون ما أعني.
ومع ذلك، كنت صابرًا، بل ومرتاحًا. لم أكن أشعر بالتعب رغم أنني لم أركب سفينة من قبل، ولم أعرف البحر ولا أمواجه.
السر؟ ببساطة، لأنني كنت أرى في هذه السفينة غزة، وأهلها.
كنت أراها وجهتي، فكان كل جهد مبذول راحة في روحي.

#الصورة الليلة الثالثة لنا في البحر و من تصوير صديقي الأندونيسي فاطور و الذي كان اضافة جميلة جدا لنا على متن سفينة قمر الموريتانية .

في يدي اليمنى، أمسك العمود الذي يوجّه السفينة ،مقودها.

حكاية مساعد قبطان بالصدفة 1.
بين الليل والبحر… كنت أرى غزة

مع ركوبنا السيارة المتجهة إلى مطار كاتانيا الليلة، شعرت بحزن عميق، وكأنني في هذه اللحظة فقط أدركت أن الرحلة قد انتهت. رحلة حاولت بكل ما أملك أن تستمر، أن لا تتوقف، رغم كل ما واجهناه.
حين تشاجر المساعد المقرر مع القبطان وقرر الانسحاب، كان ذلك كفيلاً بتعطيل انطلاقتنا، فالبحث عن مساعد جديد من إدارة الأسطول كان سيأخذ منا وقتاً لا نملكه وقد لانجده كنا متأخرين أصلاً عن باقي السفن. لم أتردد، قلت للقبطان: أنا سأكون مساعدك. نظر إليّ وقال: ستتحمل الكثير. أجبته: مستعد. فرد بابتسامة فيها بعض الحزم: لكنك ستتعلم.
تم تسجيلي رسميًا كمساعد قبطان لدى حرس الحدود، ثم لدى إدارة الأسطول.
غادرنا ميناء سيدي بوسعيد في المساء، حوالي السادسة. و مع حلول الظلام قال لي القبطان سأرتاح قليلاً، السفينة بين يديك وأنا أراقبك مرت ساعات الليل الأولى ، نام هو، ثم تبعه الجميع. بقيت وحدي، أتابع الرحلة وأراقب البحر والريح. وعند الفجر، أيقظتهم ونحن قد وصلنا إلى آخر نقطة من تونس، ميناء قلمبية. القبطان نفسه تفاجأ أننا بلغنا هذا الحد دون توقف.
منذ تلك الليلة، أصبحنا نقتسم القيادة: هو يتولى النهار، وأنا الليل. أساعده في كل صغيرة وكبيرة، حتى أننى في النهار والذي من المفترض أنه وقت راحتي حين أكون نائمًا، كان يوقظني: تعال أنزل الشراع معي ، افحص حرارة المحرك، حضّر لي طعاماً انظر الي كمية البنزين … كنت ألبي كل طلباته دون تردد. كان يعاملني كما يعامل السائق مساعده، وأظنكم تفهمون ما أعني.
ومع ذلك، كنت صابرًا، بل ومرتاحًا. لم أكن أشعر بالتعب رغم أنني لم أركب سفينة من قبل، ولم أعرف البحر ولا أمواجه.
السر؟ ببساطة، لأنني كنت أرى في هذه السفينة غزة، وأهلها.
كنت أراها وجهتي، فكان كل جهد مبذول راحة في روحي.

#الصورة الليلة الثالثة لنا في البحر و من تصوير صديقي الأندونيسي فاطور و الذي كان اضافة جميلة جدا لنا على متن سفينة قمر الموريتانية .

في يدي اليمنى، أمسك العمود الذي يوجّه السفينة ،مقودها.

المشارك في اسطول الصمود محمد البساتي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى