مقالات

لماذا اختار الحسن الثاني شعبة القانون دون غيرها من الشعب؟

اعتمادا إلى مجموعة من الأسس الدينية والدنيوية أسس جلالة المغفور له محمد الخامس رحمه الله مدرسة عظيمة خالدة أراد لها الاستمرارية والتطور  فهيأ لها الأرضية الخصبة  حين أمر ابنه ورفيقه في الكفاح والمنفى والسائر على نهجه في استكمال الوحدة الترابية، المشمول برحمة الله جلالة الملك الحسن الثاني بأن يتابع في دراسته الجامعية شعبة القانون دون غيرها من الشعب، إذ يقول جلالته في خطابه الذي وجهه بمناسبة تأسيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يوم الثلاثاء 8 ماي 1990 :”...قد سار ملوكنا رحمة الله عليهم على سيرة المؤسس الأول و الأكبر للمغرب، وبالخصوص سار والدنا المنعم طيب الله ثراه في هذا الطريق وعلى هذه السنة، وأتذكر أنني حينما نجحت في البكالوريا الثانية سألني وقال لي: ماذا تريد أن تختار في تكوينك العالي؟ كنت شغوفا بالتاريخ فقلت له : نعم سيدي سأختار التاريخ، فكان جوابه: لا ، الاختيار لي فعليك أن تدرس القانون لأن التاريخ يمكن لكل واحد أن يكتبه، أما حقوق بلدك ومواطنيك فلا يدافع عنها إلا من هو مسؤول عنها…”.

ولعل هذه الشعبة هي التي جعلت كما قال الراحل عبد الكريم غلاب عهد الحسن الثاني “عهد انتقال قافز، لأنه بدأ بشعب  له مواصفات وانتهى بشعب له مواصفات اخرى  “.

  • ما قاله عبد الكريم غلاب عن مدرسة الملك الراحل الحسن الثاني.

عندما سئل الراحل عبد الكريم غلاب عن مدرسة المشمول برحمة الله الملك الحسن الثاني قال”… من خلالها اكتسب معرفة واسعة، وأكثر من المعرفة اكتسب خبرة في القضايا الحافلة بالمتناقضات وبمواطن القوة والضعف والجرح، وفيها تعلم ايضا كيف يتعامل مع قضايا المغرب وقضايا الحكم بالأخص، مستفيدا من نجاح الاخرين ومن أخطائهم..” .

مضيفا أن هذه المدرسة جعلت منه معلما واستاذا في نفس الوقت ، معلما ” يتعلم بحذر ونقد وبحث عن مواطن الخلل والزلل ،واستاذا في ندواته الصحفية حيث لو كان في استطاعته ان يفعل ، لأمسك هذا الرئيس أو ذاك، وهذا المفكر السياسي والباحث الاقتصادي، لأمسك كلا منهم من إذنه ليهمس فيه بلغة استاذ: ما هكذا تدار دفة الحكم … ما هكذا كان يجب ان تعبر عن رأي دولتك في المؤتمر الدولي … ما هكذا يكون التفكير في قضية فكرية أو اقتصادية”.

و بالفعل أصبحت هذه المدرسة متميزة بفكرها الساطع وبتراثها المضيء وإشعاعها الفكري والحضاري وفي عز على يد جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله وهو الأمر الذي جعله يقول في أحد خطابته الموجهة إلى البرلمان أثناء افتتاح الدورة الأولى يوم الجمعة 12 أكتوبر 1984 “… إذا كانت هناك مدرسة للحسن الثاني فمدرسته بكل تواضع هي مدرسة محمد الخامس رحمة الله عليه، إن مدرسة محمد الخامس كانت مدرسة النبي صلى الله عليه وسلم الداعي و المشرع والدبلوماسي…”.

وهذه المدرسة هي التي ستصلح مما لا شك فيه كلبنة أساسية في بناء حضارتنا القانونية المكتوبة والمتعارف عليها.

حطاب الساعيد

صحافي وباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية

اظهر المزيد
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: