العالم العربي

نتانياهو في السعودية: “بداية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل “

رغم أن الرياض نفت الخبر الذي نشرته الإثنين الصحافة الإسرائيلية عن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد إلى مدينة نيوم السعودية ولقائه بولي العهد محمد بن سلمان، إلا أن هذا لم يمنع من انتشار تساؤلات وتأويلات بشأن تقارب بين السعودية والدولة العبرية، لا سيما على خلفية التطبيع البحريني والإماراتي والسوداني مع تل أبيب. وقد أكد مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون مرارا عن احتمال تطبيع إسرائيل العلاقات مع دول عربية أخرى بينها المملكة. المتخصص في شؤون الخليج كريم صادر حدثنا عن أهداف هذا اللقاء وتوقيته.

فرانس24: كيف تفسر تذبذب المواقف إزاء الزيارة السرية التي قام بها بنيامين نتانياهو الأحد إلى السعودية ولقائه بولي العهد محمد بن سلمان؟

كريم صادر: الطرف السعودي أظهر نوعا من الإنزعاج إزاء الزيارة التي قام بها نتانياهو إلى المملكة العربية السعودية في حين عبر الجانب الإسرائيلي عن فرحته وعن حماسه، معتبرا أن الجهر بهذه الزيارة قد يعود بالنفع له. أما الجانب السعودي، فالشعور بالإنزعاج دليل على أن هناك اختلاف في الرؤى على مستوى القيادة السعودية، لا سيما بين الملك سلمان ونجله محمد بن سلمان. هذا التباين في الرؤى ناتج عن وجود صراعات بين الجيلين (جيل الملك وجيل ولي العهد). وسبق أن تجلى هذا الاختلاف في قضايا عديدة أخرى.

الملك سلمان متمسك كثيرا بالقضية الفلسطينية وبمبادرة السلام العربية التي وقعها سلفه وأخيه الملك عبد الله في 2002 والتي رفضتها إسرائيل. فيما بات من المؤكد أن نشر هذا الخبر في الإعلام كان هدفه تهيئة الأرض لتقارب إسرائيلي سعودي من جهة وجس نبض الرأي العام المحلي والإقليمي من جهة أخرى. ولا ننسى أن أي قرار تتخذه السعودية إزاء إسرائيل سيلزم خادم الحرمين الشريفين وسيعطي له صبغة دينية ورمزية عالية قد تتجاوز حدود المملكة. لهذا السبب، الملك سلمان غير متحمس لتطبيع العلاقات مع إسرائيل كون أن ذلك سيجلب له مشاكل كثيرة مع المؤسسة الدينية الوهابية التي هي أصلا عارضت الإصلاحات التي جاء بها محمد بن سلمان.

وكيف يمكن تفسير التوقيت التي جرت فيه هذه الزيارة؟

يبدو أن هناك تسريع في تطبيق الرزنامة الدبلوماسية التي قررها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب بعد فوز خصمه جو بايدن في انتخابات الرئاسة. بمعنى أن هناك إرادة في استغلال الأشهر القليلة المتبقية لحكم ترامب لتوقيع اتفاقيات جديدة، وهذا ما شاهدناه خلال عملية التطبيع التي جرت بين الإمارات العربية المتحدة والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. لكن بعدما استفادوا من الدعم الأمريكي، يخشى الإسرائيليون والسعوديون من تصرفات بايدن.

أما بالنسبة لمحمد بن سلمان، فهو يسعى للحفاظ على التأييد التقليدي الذي تمنحه واشنطن وفي نفس الوقت إلى ربح “قلب” وتضامن الإدارة الجديدة، بعدما تحول إلى حليف محرج بسبب مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي والحرب في اليمن.

لكن نهاية عهدة دونالد ترامب الذي ساند محمد بن سلمان شخصيا في قضية خاشقجي مقابل دعم الرياض لـ “صفقة القرن” بإمكانها أن تفتح المجال لعلاقات أكثر صعوبة وتتسبب بأزمة بين الرياض وواشنطن. ويمكن أن تصل إلى نهاية سياسة الإفلات من العقاب التي مارستها واشنطن طيلة حكم دونالد ترامب إزاء النظام الوهابي. ولهذا السبب يحاول ولي العهد أن يقترب أكثر من الإسرائيليين باعتبارهم حلفاء تقليديين لأمريكا في المنطقة.

ما هي الرهانات الاستراتيجية وراء هذا التقارب الذي يبدو أنه يعزل أكثر إيران؟

إضافة إلى التهديدات الإيرانية، تسعى الرياض إلى كبح جماح النشاط السياسي التركي المتزايد في المنطقة. وهذا ما جعل محمد بن سلمان يقترب أكثر من قوات إقليمية أخرى غير عربية، كإسرائيل. لكن إيران تبقى الهم المشترك بالنسبة للبلدين اللذين يخشيان أن تغير واشنطن من سياستها إزاءها وذلك عبر العودة إلى الاتفاق النووي الذي وقع في عهد باراك أوباما والذي تخلى عنه دونالد ترامب.

لكن في بحثه عن تقارب مع إسرائيل، بإمكان محمد بن سلمان أن يرتكب خطأ أو يضعف حكمه سواء داخل المملكة حيث يواجه انتقادات من المؤسسة الدينية الوهابية أو على المستوى العربي. مثل هذا السيناريو يصب في مصلحة إيران التي استحوذت على القضية الفلسطينية لتجعل منها ورقة لتلميع صورتها في المنطقة من خلال بعض الجهات مثل حماس وحزب الله وتركيا التي تصف نفسها بأنها أبرز المساندين للقضية الفلسطينية بعد أن أدار العرب ظهرهم عنها.

مارك ضو/ طاهر هاني  فرانس 24

اظهر المزيد
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: