مقابلات وتحقيقات

نشر تقرير خاشقجي وسيلة بايدن للخروج من مستنقع الشرق الأوسط ودفع السعودية لدعم أجندته

”: قالت صحيفة “التايمز” في تقرير لمراسلها ريتشارد سبنسر إن الرئيس جوزيف بايدن يأمل بإخراج الولايات المتحدة من مستنقع الشرق الأوسط. وبدأ تحليله بالإشارة إلى ما قاله جوزيف ستالين الزعيم السوفياتي، حيث قال: “موت واحد هو تراجيديا ومليون وفاة هي مجرد أرقام”.

وعاد هذا المبدأ ليلاحق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. فهناك قادة في العالم يواصلون الحكم بعد ارتكابهم مذابح فظيعة وهم يبحثون عن المجد والمثال الثوري. ولكن الرعشة ستسري في عروق القادة خاصة في الديمقراطيات الغربية لو صافحوا رجلا تورط في جريمة شنيعة. كما أنه ليس زعيم دولة مارقة أو عدوة للغرب مثل سوريا أو كوريا الشمالية، ولكن صديق مهم وشريك أمني ومشتر للسلاح

ومنذ انتخابه أكد الرئيس بايدن أنه لا يريد التعامل مع الأمير. وقرر منذ وصوله البيت الأبيض وقف الدعم العسكري للحرب في اليمن المهمة للأمير باعتباره وزيرا للدفاع. ولكن نشر تقرير المخابرات الأمريكية هو أكبر قرار شائك يتخذه بايدن في علاقته مع الأمير البالغ من العمر 35 عاما. وما يريد بايدن عمله من نشر التقرير غير واضح، فلربما أراد من ذلك الضغط على الأمير وجعله مطواعا باتجاه السياسة الخارجية الأمريكية. وربما أراد موافقة السعودية عندما يقرر العودة للاتفاقية النووية. ومثل سلفه دونالد ترامب الذي رفض نشر التقرير يريد الخروج من مستنقع الشرق الأوسط. وكلاهما يعتقدان أنه لو استطاعت السعودية وإيران “موازنة” مصالحهما فعندها ستتفرغ الولايات المتحدة للمشاكل الاقتصادية المحلية والتنافس الأمريكي مع الصين وروسيا. وهذا يعني لعب السعودية دورا بناء في واشنطن إلا أن السلوك المتقلب للرئيس وملاحقة معارضيه وقتلهم أثار الشكوك حول هذا الدور.

 وماذا لو لم يوافق الملك سلمان وابنه على هذه الخطة؟

 هناك إمكانية لا يتحدث أحد عنها في واشنطن وهي استبدال ولي العهد الذي حقق إنجازات أثناء فترة حكمه القصيرة مثل منح المرأة حرية أوسع. لكن زعيما مقنعا قد يخلص الولايات المتحدة من حليف محرج. وتكهنت “أراب دايجست” التي يقرأها الكثير من الدبلوماسيين السابقين أن يدفع بايدن للإفراج عن الأميرين المنافسين لولي العهد والمعتقلين حاليا، وهما الأمير أحمد عم ولي العهد ومحمد بن نايف، ولي العهد السابق الذي أطيح به في 2017 من أجل القيام بانقلاب لصالح بن سلمان.

وهذا سيناريو بعيد عن التحقيق لمراقبي الشأن السعودي والسعوديين أنفسهم. فسلطة ولي العهد محصنة ويسيطر على كل مفاصل الدولة. ولهذا يجب أن يكون لدى بايدن خطة بديلة، فالأصدقاء في الغرب لأمريكا والسعودية يعتقدون أن الرئيس المنتخب له الحق بأمر الملوك والأمراء، لكن الملكية المطلقة ترى العكس. وكان بايدن قد حذر الملك سلمان في أول مكالمة معه من أن التقرير يظهر دور ابنه في جريمة مقتل جمال خاشقجي وأنه هو الذي وافق على قتله.

وقالت الصحيفة إن المكالمة كانت تجاهلا محسوبا لولي العهد الذي كان محاورا مهما في إدارة ترامب. ويتوقع صدور نسخة من التقرير بعد رفع السرية عنها في أقرب وقت اليوم الجمعة. ذلك أن بايدن وفريقه أكدا على أهمية إبلاغ السعوديين أولا بقرار نشر تقييم المخابرات الأمريكية حول جريمة قتل الصحافي خاشقجي. وقالت إن نشر التقرير السري سيضع خطا واضحا تحت الدعم المطلق الذي قدمته إدارة ترامب لولي العهد. وجهزته وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) بعد مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.

واختار بايدن نفس اليوم الذي هاتف فيه الملك سلمان لشن هجمات انتقامية ضد جماعات موالية لإيران قرب الحدود مع سوريا، ردا على الهجوم الصاروخي ضد قاعدة عسكرية في إربيل، شمال العراق. وهو أول عمل عسكري محدود يتخذ في ظل الرئيس بايدن. ويهدف الهجوم لإرسال رسالة أن أمريكا مستعدة للدفاع عن قواتها والرد على منتقديها الذين يتهمونها باللين مع إيران.

وقال وزير الدفاع لويد أوستن “نحن واثقون من أن الأهداف هي نفسها التي استخدمت للهجوم على القاعدة العسكرية”. وتشير الصحيفة لتصريحات المتحدثة باسم البيت الأبيض جين باسكي عن إعادة ضبط العلاقات مع السعودية. ونفى الأمير أي دور في جريمة خاشقجي الذي لم يعثر على رفاته بعد. ورغم قبول إدارة ترامب بتصريحات محمد بن سلمان حول مسؤوليته بصفته مسؤولا عن الجريمة وتوقفها عن تبنيه إلا أن جارد كوشنر، صهر الرئيس، ظل على اتصال مع الأمير كما قالت تقارير. والسبب هو محاولات ترامب دفع دول في الخليج لفتح علاقات مع إسرائيل. وسيحاول بايدن استخدام تقرير سي آي إيه كورقة ضغط والتأكد من تعاون الأمير مع أجندة أمريكا في المنطقة.

اظهر المزيد
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: